التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المجالس مدارس

المجالس في الثقافة العربية تربّي الأجيال القادمة وتعلّم الصبية الصغار مهارات عديدة في مختلف جوانب الحياة حيث ينشؤون على أيدي الكبار. يراقبون كبارهم ويلاحظون كيفيّةَ إقامة المهامّ في الحياة اليوميّة. لذا تصدق المقولة "المجالس مدارس".

هذه الآليّة لتربيّة الصغار يعود إلى الحياة القبليّة عند العرب. كانوا يسكنون الصحارى ويتنقّلون من مكان إلى مكان بحثاً عن العشب والماء. علاوة على ذلك كان لديهم الأعداء في كلّ مكان. بسبب هذا كان من الواجب أن يكونوا مستعدّين للقتال في أيّ وقت. إن لم يكونوا متيقّظين أعداءهم سيقضون عليهم. ها هنا تظهر أهمّيّة المجالس. إنّها تدرّب صغارها في القتال والتجارة والسياسة. لكن في الثقافة الهنديّة لا توجد آليّة مشابهة لآليّة (المجالس).هذا لأنّ الهنود عاشوا حياة مختلفة تماماً عن العرب.

تلبّي المجالس حاجّة إجتماعيّة وإقتصاديّة وسياسيّة. الصغار الذين يرتادون هذه المجالس يلاحظون كيف يتصرّف الكبار مع بعض وكيف يتحاورون وكيف يعبّرون عن آرائهم أمام الآخرين. لكن في الثقافة الهنديّة الصغار ليس لديهم الفرصة ليجتمعوا مع الكبار ليتعلّموا منهم دروس الحياة. أشعر بأنّ الثقافة الهنديّة تحتاج إلى آليّة مشابهة لآليّة المجالس لتدريب صغارها في القضايا الإجتماعية والاقتصادية والسياسيّة.

يجتمع الكبار في المجالس من أجل مناقشة القضايا المهمّة مثل عدم مراقبة الأسرة لأبنائها في شبكات التواصل الاجتماعيّ وكثرة الحوادث المروريّة بسبب قيادة المراهقين. كذلك يتناقشون الشؤون المتعلّقة بالسلم والحرب والحصول على ضريبة الخوّة. الصغار في المجالس ينتبهون إلى كلام الرجال حول هذه القضايا ويلاحظون كيف يبرّرون أرائهم أمام الناس. من خلال هذا تتطوّر قدرتهم على أن يعقلوا مع الآخرين.

على العكس في الثقافة الهندية ليس للصغار أيّ مكانٍ في حديث الكبار. في رأيهم لا تستوى درجة الكبار والصغار. يجب للصغار أن يتابعوا كلام الكبار بلا سؤال يقيناً أنّ قرارهم سيكون خيراً لهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيرة حياة أحد أبرز الشيوخ في زماننا

االشيخ أحمد ديدات كان رجلاً عاكفاً لدينه الإسلام. بذل جهوده في نشر الإسلام ولم يكن يعرف معنى الخوف. دعا العماليق النصارى إلى المناظرات معه. وقضى حياته بكافّة أشكالها في خدمة الإسلام. كان رجلاً ذا حِدّةِ الذكاء وسرعة البديهة. درس الإنجيل خير الدراسة حتّى تَرَسَّخَ في ذهنه وعرفه شبراً شبراً. أعلن الكثير من الناس إسلامهم بعد سماعهم إلى محاضراته القويَّة. إنّه الشيخ أحمد ديدات "فارس الدعوة" كما لُقِّبَ.  بداية حياته وُلِدَ الشيخ أحمد حسين ديدات لِأبوين مسلمين عام ١٩١٨ في قرية بالهند تُدعى سورت. كانت الهند في ذلك الوقت مستَعمرةً بريطانيّةً. بعد فترة قصيرة من ولادة أحمد ديدات ذهب أبوه إلى جنوب أفريقيا بحثاً عن وظيفة من أجل لقمة عيشه. كبُر أحمد ديدات لا يرى أباه لتسع سنواتٍ كاملة. في التاسع من عمره قام أبوه بتنظيمات عدّة من أجل تنقُّل أحمد إلى جنوب أفريقيا ليُساعده في العمل في خانته حيث عمل خيّاطاً بسيطاً. كان فقيراً للغاية. وبِدعوة أبيه لِيَنضَمَّ إليه في جنوب أفريقيا كانت تلك هي أوّل مرّة رأى فيها البحر والسفينة. سافر وحيداً بدون رفقة أمّه تَلبِيَّةً دعوة أبيه. يا لسو...

العلم والتعلُّم

التحقتُ بجامعة سنغافورة الوطنيّة قبل أربع سنين لأدرس في كلّيّة الهندسة الكيميائية. والآن حان الوقت للتخرّج فيها. هذه المشاركة ستكون لتسجيل تجربتي وملاحظاتي خلال هذه السنوات الطويلة في الجامعة على حسب وجهة نظر الإمام الشّافعيّ. الذكاء غنيّ عن البيان أنّ الطلّاب في الجامعة أذكياء لأنّ الالتحاق بالجامعة ليس أمراً سهلاً. ويجب عليهم أن ينجحوا في الامتحانات الوطنية قبل التحاقهم بالجامعة. لذلك في رأيي الدخول في الجامعة بنفسه نجاحّ بالغٌ يدلّ على ذكاء الطلّاب. الحرص خلال هذه السنوات في الجامعة درسنا كثيراً لكن كم منّا نتذكّر الآن الأشياء التي درسناها في السنة الدراسية الأولى؟ معظمنا لن نستطيع أن نذكر شيئاً عنها. هذا لأنّنا لا نهتمّ بتعليمنا. كلّنا نريد أن نُنهيَ دوراتِنا في أقرب فرصة ممكنة لكي نتخرّج في كلّيّاتنا بسرعة. هذه الظاهرة منتشرة في الجامعات هنا. كلّ الشخص يريد أن يدرسَ تخصّصه فقط لأنّه يحتاج إلى شهادة تُمكّنه من نيل وظيفة في المستقبل. من المرجّح أنّ السبب وراء هذه الظاهرة هو مجتمعنا. فإنّه أصبح مادّيّاً في زمننا هذا. من المستحيل أن نعيش حياةً مريحةً إن لم يكن لدينا مراتب متوا...