أبدأُ باسم اللّٰه وأسألُ اللّٰه أن يُصلحَ لكم أموركم وأن يُخفِّفَ عنكم أوزاركم جميعاً. أعتقد أنَّكم قد خمَّنتم موضوع هذا النَّص. نعم إنّه يدور حول مشاكل الطلّاب في الجامعة. إنّ مشاكل الطلّاب في الجامعة نوعان. أوّلها هي المشاكل الدراسيّة والأخرى هي المشاكل العامّة، يعني غير دراسيّة.
كلّكم تعرفون أنّ الدراسة في الجامعة ليست سهلةً بل صعبة مهما كان التخصُّص. هذا لأنّ هناك موادّ كثيرة يجب أن يدرسها وأن يفهمها الطالب قبل أن يتخرّج في كلّيّته. وهذه الأشياء غالباً تكون في مراحل التعليم المتقدّمة. كذلك هناك الأشياء الأخرى التي تجعل الحياة في الجامعة صعبتاً. على سبيل المثال مدّة الدراسة في الجامعة فترة طويلة من الزمن. بسبب هذا في كثير من الأحيان الطلّاب يفقدون رغبتهم في دراساتهم الجامعِيَّة ويصبحون مهملين لا يهتمُّون بأيّ شيء.
قبل أن أبدأ بشرح المشكلات عند الطلّاب أريد أن أشارككم عبارةً مشهورةً في اللغة العربية. ألا وهي "من لم يتعلَّمْ في صغره لم يتقدَّمْ في كبره". معنى العبارة هذه هي أنّ التعليم اليوم سيُساعدك على نَيْلِ التفوُّق في المستقبل. لكن هناك شرط واحد فقط - أن تُطَبِّقَ ما تعلَّمْتَهُ من قبل. غنيٌّ عن البيان أنّ تعليمك اليوم يجب أن يُفيدَك غداً. وإلّا كيف يمكنك أن تُطَبِّقَ عِلمَك الذي جمعتَه منذ صغرك؟ وها هنا تظهر المشكلة الرئيسيّة.
الطلّاب في الجامعة لا يختارون تخصُّصاتهم بعد تفكير عميق. معظم الطلّاب يلتحقون بكُلِّيَّات الجامعة لأنَّ أصدقاءهم التحقوا بنفس الكُلِّيَّة. هذا خطأ كبير لأنّنا كلّنا مختلفون ومهاراتنا تختلف عن الآخرين. لذا التخصّص الذي يكون مناسباً لشخصٍ ما قد لا يكون مناسباً للآخرين. هذا يُسبّبُ الكثير من الصعوبات للطلّاب الذين كانوا يَتَّبِعُونَ أصدقاءهم كالعميان بدون تفكير. تعليمهم لن يُفيدَهم في المستقبل لأنّهم لا يَستَمتِعونَ بما يدرسون. ومن الممكن أن يَنْسَوْا كلَّ ما دَرَسوهُ في الجامعة. وهذه الحال منتشرة في جامعاتنا في سنغافورة حيث نجد عدداً كبيراً من الطلّاب يدرسون تخصّصاتٍ لا تُعجِبُهم، فقط لأنّ أصدقاءهم يدرسون في نفس الكُلِّيَّة. وهذا دليل على تعليمٍ غير مثمرٍ مقارنةً بما هو مقصود بالعبارة السابقة الذكر.
المشكلة الدراسيَّة الثانية هي أنّ الجامعاتِ تَتَّخِذُ نظامَ المحاضرةِ وسيلةَ التدريس الرئيسيَّة. هذا يُسَبِّبُ العديد من المشاكل للطلّاب لأنّه يعطيهم الحُرِّيَّةَ لحضور المحاضرات في أيّ وقت يشاؤون. نتيجة لذلك كثير من الطلّاب يَتأخّرون عن المحاضرات ويُفَوِّتُونَ جزءً كبيراً منها. هذا سيكون صعباً عليهم أثناء مراجعتهم للإمتحانات. علاوة على ذلك بعضهم لا يُشاركون معارفهم مع بعض. مع الأسف هذه هي الحال مع طلّابنا في سنغافورة جلّهم أنانِيّون. خلال السنة الدراسيَّة يشعر الطلّاب بضيق الوقت الشديد. وعدم التعاوُن بين الأفراد يُفاقمُ هذه المشكلة. وفي نفس الوقت الجامعة تجبر طلّابها ليدرسوا دورات إضافيّة فوق تخصّصاتهم. هذا هو السبب الذي يجعل الطلّاب يفقدون رغبتهم في دروسهم - مهما حاولوا لا ينتهي العمل بل يزداد بمرور الأيّام.
من المشاكل العامّة لدينا مدّة الدراسة في الجامعة التي تمتدُّ من ثلاثة أعوام إلى أربعة أعوام على الأقل، اعتماداً على تخصّصات الطلّاب. خلال هذه الفترة ليس للطلّاب مراتب ولا وظيفة. إذا كان الطالب ينوي الزواج خلال هذه الفترة لا أحد يريد أن يُزَوِّجَه ابنته. هذا لأنّ الرجل لا يملك مبلغاً كافيّاً لتكوين البيت. وهو قد يكون حزيناً بسبب هذا وغير قادر على التركيز في الفصل لا سيّما إذا كان الطالب مسلماً. هذا لأنّ الإسلام يُحَرّمُ أيّ أنواع العلاقات بين الرجل والمرأة خارج الزواج. في الماضي كان الناس يتزوّجون وهم في العشرين من أعمارهم لكنّ اليوم تبدّلت الأحوال. الناس لا يتزوّجون حتّى يبلغون الثلاثين من أعمارهم.
أتمنّى أن تكونوا قد تعرّفتم على بعض المشكلات التي يواجهها الطالب في الجامعة. آمل أيضاً أنّكم ستُساعدون أصدقاءكم في الجامعة للتغلّب على مشاكلهم. وأخيراً أطلب منكم أن تحترموا الطلّاب في الجامعة لأنّ حياتهم ليست سهلةً.
جزاكم اللّٰه خيراً. إلى اللقاء.
تعليقات
إرسال تعليق